Liquid error (sections/custom_mobile-menu line 86): Expected handle to be a String but got LinkListDrop
  • Group 27 Login

جسر الإيمان رسالة إلى حكماء الإسلام
– الجزء الأول –

ما رأي اليهودية في الإسلام؟

في السابع من أكتوبر 2023، هاجمت حركة حماس مواطني دولة إسرائيل حيثُ قُتِل بوحشية أكثر من 1400 طفل وامرأة ومسن من اليهود ومن أتباع جميع الديانات، كما تم اختطاف المئات ممن قُتل بعضهم في الأسر. تم تنفيذ الهجوم الشائن على يد منظمة إسلامية تعمل باسم الإسلام. وقد تطلبت هذه الحقيقة المؤسفة تفكيرا عميقًا في العلاقة بين اليهودية والإسلام، في الحاضر، وخاصة في المستقبل. إزاء ما حدث، قرر شعب إسرائيل أن يقاتل للدفاع عن نفسِه وانطلق في مهمة لتدمير حماس. فهل للإسلام التوجُّه نحو هدف روحاني يتمكن به من منع مثل هذه المذابح في المستقبل؟ الإجابة يجب أن تكون حاضرة لدى حكماء العالم الإسلامي. أصبح هذا السؤال أكثر أهمية اليوم، بشكل رئيسي لأن اللحظة الحالية في تاريخ العرب فريدة من نوعها. فلأول مرة منذ فترة تنشأ دولة يهودية ذات سيادة على أرضِها بعد أن أصبحت جزءًا من العالم الإسلامي (دار الإسلام) لفترة ليست بالقصيرة. هذا الوضع أشعل علاقات معقدة بين اليهود والعرب في أرض إسرائيل وفي الشرق الأوسط بأكمله. لم يُكتَب سوى القليل جدًا عبر الأجيال عن المنظور التقليدي لليهودية حول الإسلام. توجد بعض المراجع في الفكر والشرائع اليهودية، ولكنها عادةً متفرّقة في الأدب الربَّاني (الحاخامي) اليهودي ومن الصعب العثور عليها مجتمعة في مصدر واحد. بالإضافة إلى ذلك، قليل جداً من حكماء إسرائيل مَن درس الإسلام بعمق. أقوم في هذه الرسالة بمحاولة ملء هذه الفجوة. ولا توجد نية لتجاهل أو تحريف المشاكل بين اليهودية والإسلام. ولكني أكتب هذه الكلمات إلى علماء الإسلام آملًا أن تُساهم في تفهُّمنا المتبادل للأحداث وتعزيز السلام بين أبناء إبراهيم - بني إسرائيل وبني إسماعيل.

مكانة الإسلام في اليهودية

المكانة التي يحتلها الإسلام في الأدب الفلسفي والقانوني في اليهودية هو موضوع درسته القلة بتعمُّق، سواء من علماء اليهود أو المسلمين. وفي هذا الجزء من الرسالة نناقش نقاط التوافق بين اليهودية والإسلام، ونقاط الخلاف بينهما. وفي المستقبل (الجزء الثاني)، سأتناول مكانة النبي محمد من منظور اليهودية، مناقشة العمل المشترك بين الإسلام واليهودية كديانتين تؤمنان بإلهٍ واحد،  والخطوات التي يجب أن يتخذها الإسلام وفقًا  لحكماء اليهودية في طريق عمل مشترك كهذا، مستقبل العلاقات بين دولة إسرائيل والعالم الإسلامي، أهمية شرائع نوح السبع عند المسلمين، والمساهمة المحتملة لليهودية في الإسلام.

القواسم المشتركة بين الإسلام واليهودية

  • يتفق الإسلام واليهودية على عقيدة التوحيد (إلهٌ واحد) وإنكار تجسيد اللّه وإنكار عبادة الأصنام. كتب أحد أحبارنا الكبار، الربّاني موشيه بن ميمون (رمبام) أن توحيد بني إسماعيل هو "توحيد خالص لا عيب فيه" أي ليس فيه أية عناصر وثنية. تعترف اليهودية بأن الإسلام يعبد إلهًا واحدًا، رغم الاختلاف في فهم معنى هذا التوحيد، ولهذا الاعتراف آثار عملية. أحدها هو أنه في حين أن الشريعة اليهودية تمنع اليهودي من دخول مكان لعبادة الأوثان، فإنها تسمح بدخول المساجد الإسلامية. كل الربَّانيين يقبلون ذلك، بما فيهم أنا. وليس لدينا رغبة في تحويل المسلمين إلى اليهودية ولا قتلهم أو إخضاعهم.
  • من وجهة نظر اليهودية، فإن جميع الناس مُلزَمون بقبول وتنفيذ الوصايا السبع التي أعطاها اللَّه للبشرية بأسرِها، المعروفة في التقليد اليهودي بـ "شرائع نوح السبع". وتشمل هذه الوصايا: حظر الوثنية، حظر تجديف الله، حظر القتل، حظر الشذوذ الجنسي، حظر السرقة، حظر تناول لحم مُزِّقَ من حيوان حي، والالتزام الإيجابي بإنشاء محاكم عدل ونظام جزائي. يقبل الإسلام هذه الوصايا من حيثُ المبدأ، وبالتالي يمكن لليهودية أن تقبل الإسلام كدين شقيق - وبالفعل كلانا من سلالة أبينا إبراهيم. في الوقت نفسه، لم يؤكد الإسلام بوضوح هذه المبادئ كواجب تجاه غير المسلمين، وكان الإسلام آثمًا في هذا طوال تاريخه، كما أظهرته الأحداث في السابع من أكتوبر.
  •  لم يأمر الله بني إسرائيل بتحويل غير اليهود إلى اليهودية، ولكنه أمرهم فقط بقبول من يرغبون من تلقاء أنفسهم الإنضمام إلى الشعب اليهودي . بالمقابل، يطمح الإسلام إلى فرض سيادته على العالم بأكمله. استخدام العنف لتعزيز انتشار الإيمان يعتبر غير شرعي في اليهودية. ومع ذلك، من وجهة نظر اليهودية يمكن تشبيه الهدف الأصلي للإسلام بالمرحلة الأولى من نشاط إبراهيم، الذي جمع آلافًا وآلافًا من المؤمنين بالله الواحد والوصايا الأخلاقية، حتى قبل أن يؤمَر بإقامة أمة.
  • أمر الله شعب إسرائيل ب 613 وصية،  إضافةً لشرائع نوح السبع. وتم إعطاء هذه الوصايا كجزء من العهد الذي قطعه اللَّه مع شعب إسرائيل كي  يكون نموذجًا لجميع البشرية والقداسة الجماعية (قدسية الجماعة.) وتلقى بني إسماعيل بركة الخصب والتكاثر لينفذوا مهمة نشر عبادة اللَّه الحق إلى جميع البشر كأفراد (قدسية الفرد.) بمعنى آخر، أعطي أبناء إسماعيل دور نشر المعرفة عن اللَّه الواحد ووصاياه الأخلاقية لعدد أكبر من الناس، بينما أُعطي أبناء إسحاق ويعقوب دور تأسيس نموذج للقداسة الجماعية، بموجب عهدهم  مع الله لجعلهم "مملكة كهنة وأمة مقدسة"، كي يصبحوا نموذجًا يُحتذى به للبشرية جمعاء.
  • بالنسبة لليهودية، كان ظهور دين جديد يعترف بتوحيد اللَّه وقوانين نوح سببًا للاحتفال الكبير، وكانت هناك العديد من التعبيرات عن التواصل بينهما في الفترة الأولى للإسلام، على الرغم من الصراعات الصعبة والعنيفة التي كانت تدور في تلك الأيام.
  •  بناءً على أزمة القِيَم الموجودة في  في زماننا الحاضر، قد يجلب التعاون بين بني إسرائيل وبني إسماعيل بركة عظيمة للعالم ويعزز الإيمان بتوحيد اللَّه ووصاياه الأخلاقية.

 نقاط الخلاف بين اليهودية والإسلام

 بجانب القواسم المشتركة المذكورة أعلاه، هناك العديد من نقاط الاختلاف الهامة بين اليهودية والإسلام. سنركز هنا فقط على النقاط الرئيسية والأساسية وليست الهامشية المحيطة بها.

  •  نقطة الخلاف الأولى هي ادعاء الإسلام بأن التوراة الموسوية قد بَطُلَت، بل أنه يتعيًن على اليهود الدخول في الإسلام. أما بالنسبة لليهودية، فإن التوراة الموسوية أبدية. حتى ولو أرسَل اللَّه أنبياء بعد موسى، وحتى لو أرسلهم إلى أمم أخرى، فإن التوراة تظل صالحة، لأنها تمثل كلمة اللَّه، وهي واجبة على جميع اليهود. وبالمثل، لا بد من القول أنه وفقًا لليهودية، فإن وصايا التوراة الموسوية ليست واجبة على المسلمين.
  • النقطة الثانية للنزاع هي ادعاء الإسلام بأن اليهود قد حرَّفوا الكتاب المقدس وقاموا بمحو نبوأة قدوم محمد. هذه الادعاءات غير موجودة في جميع الحالات، وتتعلق بشكل رئيسي بالتناقض بين التوراة والقرآن. بل أن العديد من قصص الكتاب المقدس العبرية والتقاليد اليهودية وردت في القرآن، ويقبلها المسلمون على أنها صحيحة.
  • النقطة الثالثة للنزاع، وهي الأكثر صلة بالوقت الحاضر، هي وعد الله بعودة الشعب اليهودي إلى أرضه وإقامة دولته مرة أخرى.

الإسلام يؤكد أنه يجب نشر دينه لجميع البشرية، حتى إن كان ذلك يتطلب استخدام القوة. بينما اليهودية ترفض استخدام العنف كوسيلة لنشر دينها. لذا، ومن أجل أن يتم قبول الإسلام بوصفه دينًا شرعيًا لجميع الشعوب من قِبَل اليهودية، يجب التوافق على ثلاث نقاط:

  •  الاعتراف بالإسلام كدين موازي لليهودية وليس بديلا عنه وأن نبوَّة محمد لم تأت لتبطل التوراة الموسوية.
  •   الاعتراف بأن التوراة هي كلمة الله التي تحمل رسالة إلى البشرية جمعاء. مما يتطلب التخلي عن دعوى "التحريف"، كي يتسنّى للإسلام تمحيص جذور الدين الذي نشأ منه.
  •   الاعتراف بالوعد الإلهي بأن الشعب اليهودي يجب أن يعود إلى وطنه التاريخي ويحكمه، كما جاء صراحة في القرآن.

لنفرض أن قيادة الدين الإسلامي رغبت في بناء جسر بين المؤمنين بالإله الواحد. في هذه الحالة، يجب أن تكون على استعداد للاستماع إلى ما تُدلي به اليهودية حول قضايا أخرى أساسية، بما في ذلك: مكانة محمد، والمساهمة المحتملة لليهودية في عالم الإيمان الإسلامي، وغيرها. سأناقش هذه المواضيع في الجزء الثاني من هذه الرسالة المفتوحة المباركة.

مع أطيب تمنياتي بالسلام،
الربّاني (الحاخام) أوري شِرْقِي
رئيس مؤسسات بريت عولام (العهد الأبدي)

 انقر هنا للحصول على الجزء الثاني من مشروع القانون

Līdzīgi raksti

Search